إن عقلية التوسع في الأرض العربية واحتلالها وضم إلى الأراضي المحتلة الأخرى من قبل الاحتلال الإسرائيلي هي من أسس الحركة الصهيونية التي تعني السيطرة على الأرض العربية وطرد أهلها منها .
ـ وقد جرى تطبيق هذه العقلية وممارساته الفعلية منذ بداية الاحتلال عام 1967 في الجولان المحتل وهذا شرحناه في الفقرات السابقة ولكن خطوات الضم الرسمي للجولان بدأت في عام 1977 ، حيث بدأت سلطات الاحتلال بالتمهيد للضم الرسمي للجولان ، ومحاولة فرض الهوية والجنسية الإسرائيلية على المواطنين العرب السوريين فيه ومارست الضغوطات المتنوعة في سبيل ذلك واستمر هذا خلال عامي 1978 و 1979 وفي 16/1/1979 اجتمع مواطنو الجولان وأصدروا بياناً وطنياً ورد فيه :
(( لقد قررنا ـ وبالإجماع ـ أن ترفض المشروع الداعي لتسليمنا هويات إسرائيلية رفضاً باتاً ، وإننا نؤكد من جديد ونعلن للملأ أنه مهما طال الاحتلال ، فلن نتنازل عن هويتنا ، وعن كوننا عرباً سوريين حتى يأتي يوم الجلاء والعودة إلى أحضان الوطن الأم ))
وأمام تصاعد محاولات الاحتلال لفرض الهوية والجنسية الإسرائيليتين ، أصدر مواطنو الجولان في 25/3/1981 ((الوثيقة الوطنية )) وهي من وثائق النضال الوطني المهمة في كفاح الأمة العربية ، ونؤكد على كون الجولان جزءاً لا

يتجزأ من سورية ، وعلى تمسك مواطنيه بجنسيتهم العربية السورية التي يعتزون بها وعلى تمسكهم بأرضهم ورفضهم قرارات الاحتلال وإجراءاته . ونورد نص هذه (( الوثيقة الوطنية )) في ملحق النص .
وفي يوم 14/12/1981 أعلن الاحتلال من سياسته التوسعية رسمياً ، بإصداره قرار ضم الجولان إلى (( إسرائيل )). وفور إعلان قرار الضم رفضه مواطنونا في الجولان المحتل مباشرة ، وأعلنوا إضراباً احتجاجياً لمدة ثلاثة أيام شمل المرافق كافة . واعتبروا يوم صدور هذا القرار ( 14/12 ) من كل عام يوماً أسود تستعاد ذكراه بالحداد حتى ينتهي الاحتلال .
ولقي موقف أحرار الجولان صدى تضامنياً واسعاً في فلسطين ( المحتلة عام 1948 ) وفي الضفة الغربية و قطاع غزة ، وجرت اجتماعات جماهيرية تضامنية نظمها عرب فلسطين ، ومنها ما جرى في مدن : الناصرة ـ شفا عمرو ـ دالية الكرمل ، وغيرها ، وقام عرب فلسطين بالزيارات التضامنية إلى الجولان .
وطبعاً ، رفضت سورية قرار الضم وطلبت إلى الهيئات الدولية أن تتحمل مسؤولياتها ، وأصدر مجلس الأمن قراره رقم 497 بتاريخ 18/12/1981 والقاضي بمطالبة (( إسرائيل )) بإلغاء قرارها واعتباره لاغياً وكأن لم يكن .
وإزاء إصرار سلطات الاحتلال على فرض الجنسية والهوية الإسرائيليتين على أبناء الجولان قام مواطنو الجولان بعقد اجتماع حاشد لهم ، ضم آلافاً من سكان قرى مجدل شمس ، مسعدة ، بقعاتا ، عين قنية أعلنوا فيه إضراباً عاماً شاملاً ومفتوحاً حتى تتحقق مطالبهم وهي إلغاء قرار الضم وإلغاء مشروع تسليم الهوية الإسرائيلية للسكان وإطلاق سراح المعتقلين .
ونفذ أحرار الجولان صباح يوم 14 شباط ( فبراير ) 1982 الإضراب العام الكبير وشمل قرى الجولان ورفعت الأعلام السورية والأعلام السوداء ، علماً بأن عقوبة رفع العلم السوري ، السجن لمدة خمس سنوات .وفي 25/2/1982 فرضت قوات الاحتلال حصاراً كاملاً شاملاً على القرى الأربع المضربة من أجل حرمان مواطني الجولان من الدعم المادي والإعلامي القادم من أخواتهم عرب فلسطين في أرجائها كافة ، وشمل الحصار التعتيم الإعلامي ومحاولات كسر الموقف الموحد لأحرار الجولان . وشل الحصار كل شئ حتى من يود أن يذهب إلى المستشفيات
وجرى ربط كل حركة للسكان باستلام الهوية الإسرائيلية ،التي رفضها أحرار الجولان بثبات ورفعوا شعارهم المشهور (( المنية ولا الهوية ))

كتب بواسطة: Super User